النوافل ومتى تُصلّى

مقدمة حول مفهوم النوافل في الإسلام

النوافل في الإسلام هي العبادات التي يؤديها المسلم زيادة على الفرائض التي افترضها الله سبحانه وتعالى على عباده. تعتبر النوافل من مظاهر تعظيم العبد لربه وسعيه للتقرب إليه بما يزيد على الحد الأدنى من الطاعات الواجبة. وهذه الصلوات النوافل لها مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية، حيث وردت نصوص كثيرة تؤكد فضلها، وأثرها العظيم في تكفير الذنوب، ورفع الدرجات، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، كما أن المحافظة عليها علامة على محبة العبد لربه، كما جاء في الحديث القدسي: “وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه”.

تتنوع النوافل في الإسلام إلى نوافل مطلقة، يمكن أداؤها في أي وقت غير أوقات النهي، وإلى نوافل مقيدة بأوقات أو بأسباب محددة، مثل السنن الرواتب، وصلاة الضحى، وصلاة التهجد، وغيرها. لكل نوع منها وقت معين وآداب خاصة تحكم أداءها.

تعريف النوافل في الاصطلاح

النوافل لغة: جمع نافلة، وهي الزيادة.

وفي الاصطلاح الشرعي: هي الصلوات التي شرعها الله سبحانه وتعالى غير الفرائض، وتكون تطوعًا من العبد، طلبًا لمرضاة الله، وتوسعة في الأجر والثواب. ولا يأثم تاركها لكنها من أعظم ما يقرب العبد إلى ربه.

أقسام النوافل

النوافل من حيث التوقيت

تنقسم النوافل من حيث ارتباطها بالوقت إلى قسمين:

1. نوافل مقيدة بوقت: وهي التي تؤدى في أوقات محددة مثل السنن الرواتب، صلاة الضحى، وصلاة التراويح.

2. نوافل مطلقة: وهي التي يجوز أداؤها في أي وقت من الليل أو النهار، ما لم يكن في أوقات النهي.

النوافل من حيث الارتباط بالفرائض

تنقسم كذلك إلى:

1. السنن الرواتب: وهي الصلوات التي تكون قبل أو بعد الفريضة.

2. السنن غير الرواتب: مثل صلاة الضحى، وصلاة التهجد، وصلاة التراويح، وصلاة الاستخارة، وصلاة التوبة.

النوافل من حيث السبب

تنقسم إلى:

1. نوافل لها سبب: مثل صلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الاستخارة.

2. نوافل مطلقة لا سبب لها: يؤديها العبد في أي وقت خارج أوقات النهي.

النوافل المؤكدة وغير المؤكدة

النوافل المؤكدة

هي التي واظب عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحث عليها، ومن أمثلتها:

• السنن الرواتب: وهي ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.

• صلاة الوتر: التي يختم بها المسلم صلاته الليلية، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: “أوتروا يا أهل القرآن”.

• صلاة الضحى: وقد كان النبي يوصي بها أصحابه، ويذكر عظيم فضلها.

• قيام الليل: وهو من أعظم النوافل التي تقرب العبد إلى الله.

النوافل غير المؤكدة

هي التي لم يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا لكنها مشروعة، ومن أمثلتها:

• ركعتان بعد العصر (إذا لم تكن في وقت النهي).

• أربع ركعات قبل العصر.

• ست ركعات بعد المغرب (المعروفة بصلاة الأوابين).

تفصيل النوافل اليومية ومواقيتها

السنن الرواتب

السنن الرواتب من أهم النوافل، وهي التي تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصلوات المفروضة، وقد جاءت في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة”.

تفصيل السنن الرواتب:

إجمالي السنن الرواتب المؤكدة: 10 أو 12 ركعة يوميًا.

صلاة الوتر

صلاة الوتر من النوافل التي لها فضل عظيم، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء. يبدأ وقتها بعد صلاة العشاء ويمتد حتى طلوع الفجر. يمكن للمسلم أن يصلي ركعة واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو أكثر، ويستحب أن تكون ختام صلاة الليل.

صلاة الضحى

صلاة الضحى من النوافل العظيمة، يبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح (أي بعد طلوع الشمس بحوالي ربع ساعة) ويمتد حتى قبيل الزوال. عدد ركعاتها يبدأ من ركعتين حتى ثماني ركعات أو أكثر حسب قدرة المصلي.

قيام الليل (التهجد)

قيام الليل من أعظم القربات إلى الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتورم قدماه. وقتها من بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر، ويفضل أن تكون في الثلث الأخير من الليل، لما في هذا الوقت من البركة واستجابة الدعاء.

سنة العصر

يستحب أداء أربع ركعات قبل العصر لكنها ليست من السنن المؤكدة، وقد ورد في الحديث: “رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا”.

سنة المغرب

يصلى بعد المغرب ركعتان سنة مؤكدة، وهناك من يزيد عليها أربع ركعات أو ست ركعات، وهو ما يسمى بصلاة الأوابين، وتعتبر من النوافل المستحبة.

سنة العشاء

يصلى بعد العشاء ركعتان سنة مؤكدة، وبعدها يسن الوتر لمن لم ينو قيام الليل.

نوافل موسمية وذات أسباب

صلاة التراويح

صلاة التراويح هي نافلة عظيمة تقام في شهر رمضان بعد صلاة العشاء. وهي من الشعائر التي أجمعت الأمة على مشروعيتها، ووردت أحاديث كثيرة في فضل قيام رمضان. تصلى ركعتين ركعتين، ومن السنة أن يختمها المسلم بالوتر.

صلاة الكسوف والخسوف

تشرع صلاة الكسوف والخسوف عند حدوثها، وتؤدى في جماعة، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد. وهي ركعتان لكن كل ركعة فيها قيامان وقراءتان وركوعان.

صلاة الاستسقاء

تصلى عند انحباس المطر، وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. تؤدى في جماعة مع خطبة، وتتضمن التوسل والدعاء والرجاء بأن يسقي الله عباده.

صلاة الحاجة

هي من الصلوات التي يؤديها المسلم عند رغبته في قضاء حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة، يتوضأ المسلم ويصلي ركعتين ثم يدعو الله بما يشاء.

صلاة الاستخارة

من السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا همّ بأمر يصلي ركعتين من غير الفريضة ويدعو بدعاء الاستخارة. يستحب أن تكون في الأوقات المباحة للصلاة.

صلاة التوبة

إذا أذنب المسلم ذنبًا ثم تاب، يستحب أن يتوضأ ويصلي ركعتين، وهذا عمل وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتبر من أفضل الأعمال التي تعبر عن صدق التوبة.

الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

رغم فضل النوافل، إلا أن هناك أوقاتًا نهى الشرع عن الصلاة فيها حتى لا يشابه المسلم عبادات المشركين أو لا يتعبد في أوقات لا تشرع فيها الصلاة. هذه الأوقات هي:

1. بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس.

2. عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح.

3. عند توسط الشمس في كبد السماء حتى تزول.

4. بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.

5. عند غروب الشمس حتى تغيب تمامًا.

في هذه الأوقات، تُكره الصلاة التي لا سبب لها كتحية المسجد أو صلاة مطلقة، أما إذا كان للصلاة سبب مشروع كركعتي الطواف أو تحية المسجد فلا بأس بأدائها في هذه الأوقات.

فضل النوافل

• تقرب العبد إلى الله: النوافل من أعظم وسائل التقرب إلى الله بعد الفرائض كما في الحديث القدسي.

• تكفير الذنوب: الصلوات النوافل تمحو الذنوب والخطايا وتزيد في رصيد الحسنات.

• رفع الدرجات: يرفع الله بها عبده درجات في الجنة.

• سد الخلل في الفرائض: يوم القيامة عندما تكون الصلاة المفروضة ناقصة، يكملها الله من النوافل كما ورد في الحديث الصحيح.

• تحصيل محبة الله: من أدام النوافل بلغ محبة الله له، ومن يحبه الله يسدده ويوفقه ويحفظه.

الفرق بين النوافل والفرائض

خاتمة

النوافل هي الزاد الروحي الذي يعين المسلم على تثبيت صلاته وقربه من الله عز وجل. وهي باب واسع من أبواب الخير يجب على المسلم أن يحرص على اغتنامه، فهي ليست فقط تكميلًا للفرائض ولكنها دليل على حب العبد لربه وسعيه للوصول إلى أعلى مراتب العبودية. من حرص على النوافل عاش في ظل القرب من الله، وسلك طريق السعادة في الدنيا والآخرة.

المراجع

• صحيح البخاري

• صحيح مسلم